arab cod
عدد المساهمات : 25 نقاط : 40842055 تاريخ التسجيل : 20/06/2012
| موضوع: الصَّحَابَةُ *مَفَاخِرُ وَمَـآثِر الأربعاء 20 يونيو 2012, 10:46 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم * الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَزَّ دِينَهُ بِرِجَالٍ صَادِقِينَ، وَاخْتَارَهُمْ لِمَحَبَّةِ نَبِيِّهِ فَكَانُوا نِعْمَ الصَّاحِبُ وَالْمُعِينُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، يَنْصُرُ مَنْ كَانُوا لِدِينِهِ نَاصِرِينَ، وَبِهِ مُعْتَصِمِينَ مُسْتَنْصِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الأَمِينُ، كَتَبَ اللهُ لَهُ الْعِزَّةَ وَالسِّيَادَةَ وَالتَّمْكِينَ، وَجَعَلَ دِينَهُ ظَاهِراً عَلَى كُلِّ دِينٍ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِينِ، الَّذِينَ جَاهَدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُمُ الْيَقِينُ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. * أَمَّا بَعْدُ: ******** فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-؛ فَالْيُسْرُ وَالْفَرَجُ وَالْمَغْفِرَةُ وَالتَّمْكِينُ بِتَقْوَاهُ، وَبِهَا النَّجَاةُ وَالسَّعَادَةُ يَوْمَ لُقْيَاهُ؛ يَقُولُ اللهُ جَلَّ فِي عُلاَهُ: )وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا(* [الطلاق:4 – 5]. * أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَهَدَى النَّاسَ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، وَاخْتَارَ اللهُ لَهُ أَنْصَاراً وَأَعْوَاناً، هُمْ صَحَابَتُهُ الْكِرَامُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، خَيْرُ الْقُرُونِ عَلَى الإِطْلاَقِ، وَأَفْضَلُ الأُمَّةِ بَعْدَ رَسُولِهَا بِاتِّفَاقٍ، أَبَرُّ الأُمَّةِ قُلُوباً، وَأَعْمَقُهَا عِلْماً، وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا، وَأَكْثَرُهَا خَشْيَةً، )وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(* *[ التوبة:100]. * كُنْ كَالصَّحَابَةِ فِي دِينٍ وَفِي خُلُقٍ ****الْقَوْمُ هُمْ مَا لَهُمْ فِي النَّاسِ أَشْبَاهُ عُبَّادُ *لَيْلٍ إِذَا *جَنَّ *الظَّلاَمُ *بِهِـــمْ *****كَـــمْ عَــابِدٍ دَمْعُهُ فِي اللَّيْلِ أَجْـرَاهُ وَأُسْدُ *غَابٍ إِذَا نَادَى *الْجِهَادُ بِهِمْ *****لَبَّـــوْا إِلَى *الْمَوْتِ *يَسْتَجْدُونَ رُؤْيَاهُ يَا رَبِّ *فَابْعَثْ لَنَا *مِنْ *مِثْلِهِمْ نَفَراً *****يُشَيِّـــدُونَ *لَنَـا *مَـاضٍ *أَضَعْنَــــــاهُ * أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ: دَعُونَا نَرْحَلُ مَعَكُمْ فِي رِحْلَةٍ إِيمَانِيَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَأَنْ نَتَأَمَّلَ فِي كَرِيمِ سِيرَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، حَيْثُ الْعِزُّ وَالْمَجْدُ، وَالْعِلْمُ وَالْعِبَادَةُ وَالسُّؤْدَدُ، وَذَلِكَ فِي هَذِهِ اللَّحَظَاتِ، وَعَنْ طَرِيقِ هَذِهِ الْوَقَفَاتِ. * الْوَقْفَةُ الأُولَى: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ. وَسَأَدَعُ الْحَدِيثَ فِي هَذِهِ الْوَقْفَةِ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِt *لِيُحَدِّثَنَا عَنْ هِدَايَتِهِ، يَقُولُ t كَمَا فِي سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ:* «حَضَرْتُ سُوقَ بُصْرَى بِالشَّامِ، فَإِذَا رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَتِهِ يَقُولُ: سَلُوا أَهْلَ هَذَا الْمَوْسِمِ، أَفِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ؟، فَتَقَدَّمْتُ وَقُلْتُ: نَعَمْ أَنَا، فَقَالَ: هَلْ ظَهَرَ أَحْمَدُ بَعْدُ؟ قُلْتُ: وَمَنْ أَحْمَدُ؟، قَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، هَذَا شَهْرُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ، وَهُوَ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ، وَمَخْرَجُهُ مِنَ الْحَرَمِ، وَمُهَاجَرُهُ إِلَى نَخْلٍ وَحَرَّةٍ وَسِبَاخٍ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُسْبَقَ إِلَيْهِ، قَالَ طَلْحَةُ t: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا قَالَ، فَخَرَجْتُ سَرِيعاً حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: هَلْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ؟، قَالُوا: نَعَمْ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَمِينُ تَنَبَّأَ، وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ t فَقُلْتُ: اتَّبَعْتَ هَذَا الرَّجُلَ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ، فَأَخْبَرَ طَلْحَةُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ بِطَلْحَةَ فَدَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ r، فَأَسْلَمَ طَلْحَةُ t وَأَخْبَرَ رَسُولَ اللهِ r بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ، فَسُرَّ النَّبِيُّ r بِذَلِكَ»، ثُمَّ حَسُنَ إِسْلاَمُ طَلْحَةَ t، وَجَاهَدَ مَعَ إِخْوَانِهِ لإِعْلاَءِ كَلِمَةِ اللهِ، وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى مِنَ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ: «وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ t]. حَقّاً - يَا إِخْوَتِي - إِنَّهُ حِرْصٌ عَلَى مَا يَنْفَعُ، يَتْرُكُ تِجَارَتَهُ، وَيَقْطَعُ سَفَرَهُ، حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْحَقِيقَةِ، وَيَحْظَى بِالْهِدَايَةِ، فَاحْرِصُوا غَايَةَ الْحِرْصِ عَلَى مَا يَنْفَعُ وَيُفِيدُ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ، كَصَنِيعِ *ذَلِكَ الْجِيلِ الْفَرِيدِ y. * الْوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ: الدِّينُ أَنْفَسُ مَا يَكُونُ. لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ y مِنْ أَحْرَصِ النَّاسِ عَلَى دِينِهِمْ؛ اتِّبَاعاً لأَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَاباً لِنَوَاهِيهِ، وَدِفَاعاً وَذَبّاً عَنْ حِيَاضِهِ، حَمَلُوا أَرْوَاحَهُمْ عَلَى أَكُفِّهِمْ، وَقَدَّمُوهَا رَخِيصَةً فِي سَبِيلِ حِفْظِ الدِّينِ، وَحِمَايَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَشِعَارُهُمْ حِينَئِذٍ خَيْرُ شِعَارٍ؛ فَعَنْ أَنَسٍ t قَالَ: كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ: * نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا************ عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا * فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ r فَقَالَ: «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَةْ *******فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ»*** *[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. * وَهَا هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ t فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، يَتَقَدَّمُ عَلَى فَرَسٍ شَقْرَاءَ، وَيَأْخُذُ اللِّوَاءَ بِيَمِينِهِ فَتُقْطَعُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ بِشِمَالِهِ فَتُقْطَعُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ بَيْنَ عَضُدَيْهِ حَتَّى يُقْتَلَ، وَمِنْ ثَمَّ أَبْدَلَهُ اللهُ بِجَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ كَيْفَ يَشَاءُ. * وَهَذَا خُبَيْبٌt **أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ r مَعَ بَعْضِ حَفَظَةِ الْقُرْآنِ، لِيُعَلِّمُوهُمْ كِتَابَ اللهِ، فَخَانُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ، أَمَّا خُبَيْبٌ فَقَدْ أَسَرُوهُ، وَانْتَظَرُوا لِيَشْتَرِكَ فِي قَتْلِهِ كُلُّ مَنْ لَهُ ثَأْرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَحِينَ جَاءَ مَوْعِدُ قَتْلِهِ سَاوَمُوهُ عَلَى دِينِهِ، أَتَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ وَنَفُكُّ أَسْرَكَ؟، فَقَالَ: الْمَوْتُ أَدْنَى مِمَّا تَتَوَهَّمُونَ، ثُمَّ أَنْشَدَ: * وَلَسْتُ *بِمُبْدٍ *لِلْعَــدُوِّ **تَخَشُّعـاً ****وَلاَ *جَزَعـــاً *إِنِّـي إِلَى اللهِ مَرْجِعِــــي وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِماً ** **عَلَى *أَيِّ جَنْبٍ كَانَ فِي اللهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَــهِ وَإِنْ يَشَــأْ *** **يُبَـارِكْ عَلَى أَوْصَـــالِ شِلْـــوٍ *مُمَـــزَّعِ * أَيُّهَا الأَحِبَّةُ: كُلُّ هَذِهِ التَّضْحِيَاتِ فِي سَبِيلِ حِفْظِ الدِّينِ وَالْمُرُوءَاتِ، وَإِنَّهُ لِمَنَ الْمُؤْسِفِ حَقّاً؛ أَنْ تَرَى بَعْضَ النَّاسِ، وَهُمْ فِي دِيَارِهِمْ بَيْنَ أَهْلِيهِمْ وَأَوْلاَدِهِمْ، وَهُمْ آمِنُونَ عَلَى أَرْزَاقِهِمْ؛ تَرَاهُمْ يُفْسِدُونَ دِينَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ، مِنْ ذَلِكَ الإِفْسَادِ: التَّهَاوُنُ فِي الصَّلَوَاتِ، فَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ صَلاَةَ لَهُ، وَلاَ حَظَّ فِي الإِسْلاَمِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ، وَكَذَلِكَ هَجْرُ الْقُرْآنِ، وَمَخَالَفَةُ سُنَّةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ *rفِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الأُمُورِ، وَالْجُرْأَةُ عَلَى أَكْلِ الْحَرَامِ، كَمَا يَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْبُنُوكِ مِنَ الْمُعَامَلاَتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَكَذَا اسْتِقْطَابُ شُرُورِ الأُمَمِ، وَرَدِيءِ أَفْكَارِهِمْ، وَتَثْبِيتُهَا فِي الْبُيُوتِ، عَنْ طَرِيقِ الْقَنَوَاتِ الْفَضَائِيَّةِ، الَّتِي تَقْضِي عَلَى الدِّينِ وَالأَخْلاَقِ، وَتَدْعُو لِمُشَابَهَةِ الْفُسَّاقِ، إِلاَّ الْقَلِيلَ الْقَلِيلَ مِنْهَا، وَاللهُ* الْمُسْتَعَانُ، وَإِلَيْهِ الْمُشْتَكَى. * الْوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ: هَكَذَا فَلْتَكُنِ الْمَحَبَّةُ: مَحَبَّةُ النَّبِيِّ *rمِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ، وَفِي مِثْلِهَا يَتَنَافَسُ الْمُتَنَافِسُونَ، فَهَذِهِ امْرَأَةٌ يُقْتَلُ أَبُوهَا وَأَخُوهَا وَزَوْجُهَا وَابْنُهَا فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَكُلَّمَا سَأَلَتْ عَنِ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى قَالُوا: أَبُوكِ وَأَخُوكِ وَزَوْجُكِ وَابْنُكِ. وَكَانَتْ تَقُولُ: مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِr ؟. فَقَالُوا: هُوَ بِخَيْرٍ كَمَا تُحِبِّينَ، فَقَالَتْ: أَرُونِيهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ جَلَلٌ . أَيْ: هَيِّنَةٌ. * وَحِينَ أَسَرَ مُشْرِكُو مَكَةَ زَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ، قَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: يَا زَيْدُ أَسْأَلُكَ بِاللهِ، أَلاَ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِي أَهْلِكَ، وَمُحَمَّدٌ هُنَا عِوَضٌ عَنْكَ؟، فَغَضِبَ، وَقَالَ: وَاللهِ مَا أَوَدُّ أَنْ أَكُونَ فِي أَهْلِي وَنَبِيُّ اللهِ r يُصَابُ بِعَثْرَةٍ فِي أُصْبُعِهِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُحِبُّ أَحَداً كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّداً، ثُمَّ قَتَلُوهُ، وَفِي ذَلِكَ قِيلَ: أَسَرَتْ قُرَيْشٌ مُسْلِماً فِي غَزْوَةٍ *** *فَمَضَى بِلاَ وَجَلٍ إِلَى السَّيَّافِ سَأَلُوهُ هَلْ يُرْضِيكَ أَنَّكَ سَالِــمٌ***** وَلَكَ *النَّبِيُّ *فِدَىً مِنَ الإِتْلاَفِ فَأَجَابَ كَلاَّ لاَ نَجَوْتُ مِنَ *الرَّدَى ****وَيُصَابُ *أَنْفُ *مُحَمَّـــدٍ بِرُعَــافِ * إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ: وَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ r الصَّادِقَةُ تَكُونُ بِالاِتِّبَاعِ وَالاِقْتِدَاءِ، لاَ بِالاِبْتِدَاعِ وَالاِدِّعَاءِ، هَذِهِ الْمَحَبَّةُ تَظْهَرُ فِي إِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَمْعِ الْبِدَعِ وَالضَّلاَلَةِ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ( [آل عمران:31 – 32]. * الْوَقْفَةُ الرَّابِعَةُ: وَالْجَزَاءُ الْجَنَّةُ. فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ النَّبِيِّ r فَقَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وَضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ: قَالَ: فَتَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَرَ مِنْهُ كَثِيرَ صَوْمٍ وَلاَ صَلاَةٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: لَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ r؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي لأَِحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشّاً، وَلاَ أَحْسُدُ أَحْداً عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: «هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لاَ نُطِيقُ». [أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ]. * إِذَنْ فَالْحِرْصَ الْحِرْصَ عَلَى سَلاَمَةِ الصُّدُورِ، وَتَخْلِيصِهَا مِنَ الْغِشِّ وَالْحَسَدِ وَالشُّرُورِ، لاَ سِيَّمَا بَيْنَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْعِلْمِ وَالدَّعْوَةِ؛ فَقَدْ كَثُرَ الاِنْقِسَامُ، وَرُبَّمَا حَصَلَتْ فُرْقَةٌ وَخِصَامٌ، وَكُلٌّ يَقُولُ: أَنَا صَاحِبُ الْحَقِّ، وَأَنَا عَلَى نَهْجِ الأَسْلاَفِ. وَالْمُحَصِّلَةُ فُرْقَةٌ وَشَتَاتٌ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ *t مَرْفُوعاً: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، لاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَافَسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا». ************************* ************************* ************************* ************************* ************************* ************************* ************************* *********** بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْهُدَى وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ؛ إِنَّهُ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ. الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَائِرِ صَحْبِهِ وَإِخْوَانِهِ. فَآخِرُ هَذِهِ الوَقَفَاتِ، فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الدُّنْيَا، وَتَعْظِيمِهِمْ أَمْرَ الآخِرَةِ، فَهَذَا عَلِيٌّ t يَقُولُ: «إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً، وَإِنَّ الآخِرَةَ قَدِ ارْتَحَلَتْ مُقْبِلَةً، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَداً حِسَابٌ وَلاَ عَمَلَ»، دَخَلَ عُمَرُ t عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ *t فِي الشَّامِ فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ رَحْلَهُ وَتُرْسَهُ، فَقَالَ عُمَرُ t: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعـاً يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا الْمَقِيلَ. * إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارٍ، كَتَبَ اللهُ عَلَيْهَا الْفَنَاءَ، وَكَتَبَ عَلَى أَهْلِهَا فِيهَا الظَّعَنَ، فَكَمْ مِنْ عَامِرٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَخْرَبُ!، وَكَمْ مِنْ مُقِيمٍ مُغْتَبِطٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَظْعَنُ!، كَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، أَوْ كَأَنَّ الَّذِي نُوَدِّعُ إِلَى الْقُبُورِ سَفْراًً عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ. * عِبَادَ اللهِ: هَذِهِ قَبَسَاتٌ مِنْ حَيَاةِ الصَّحَابَةِ y، وَهِيَ دُرُوسٌ وَعِبَرٌ لِمُحِبِّي الْحَقِّ وَطُلاَّبِهِ، وَقَدْ أَكْرَمَ اللهُ هَذَا الْجِيلَ، وَجَعَلَهُمْ عَلَى خَيْرِ السَّبِيلِ، فَقَدْ جَاءَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: *)لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ( [الحديد:10]. وَالْحُسْنَى الْجَنَّةُ، فَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَنَازِلُهُمْ وَمَرَاتِبُهُمْ، وَقَدِ انْتَزَعَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللهُ هَذَا الْمَعْنَى الْجَلِيلَ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ. * فَوَاجِبٌ عَلَيْنَا مَحَبَّتُهُمْ وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ، وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا التَّأَسِّي بِهِمْ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: )مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا( [الفتح: 29] . قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ فِي قَلْبِهِ غَيْظٌ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ r فَقَدْ أَصَابَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ»، وَفِي لَفْظٍ: «كُلُّ مَنْ غَاظَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ *r فَهُوَ مِنَ الْكُفَّارِ، )يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ(. * بِيضُ الْوُجُوهِ كَرِيمَةٌ أَحْسَابُهُمْ ***************** *شُمُّ الأُنُوفِ مِنَ الطِّرَازِ الأَوَّلِ * اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَطْهَارِ، اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الصَّحْبِ الأَخْيَارِ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ، وَاجْمَعْنَا بِهِمْ فِي دَارِ الأَبْرَارِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ, وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ, وَدَمِّرِ اللَّهُمَّ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ. اللَّهمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجَعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَهَيِّئْ لَهُمَا الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَحُثُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، وَجَنِّبْهُمْ بِطَانَةَ السُّوءِ وَالشَّرِّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنّاً سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. | |
|